اعتبرت أوساط هولندية ثقافية وفنية وسياسية فيلم فتنة الذي أنتجه زعيم حزب الحرية الهولندي خيرت فيلدرز عن القرآن الكريم واحد من أسوأ الأفلام الوثائقية على الصعيد الفني ولا يحمل جديداً في المضمون باستثناء التحريض والإساءة لمعتقدات شريحة واسعة من الهولنديين. ويخطط فيلدرز لوضع فيلمه على شبكة الإنترنت ليتسنى لمن يرغب مشاهدته وتحميله بسهولة، الأمر الذي يجعله متاحاً للجميع وفي كافة أنحاء العالم، على العكس من الرسوم الدانمركية المسيئة للرسول الكريم التي اقتصر نشرها على الصحيفة الدانمركية فقط. وحسب روجر فلوخلز، المتخصص في شؤون الإعلام وتوجهات الرأي العام في هولندا، فإن ما حدث من ردود أفعال قوية في أفغانستان وباكستان حتى قبل عرض الفيلم، يؤكد حجم الإساءة التي سيسببها، إذا ما قورنت بالرسوم المسيئة في الدانمرك، في حين قال رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكنندا، إن «بلداً مثل هولندا ذات التوازن الهش في مسألة الأمن القومي لابد أن يشعر الجميع بالخطر مما سيأتي. وعلينا وضع مصلحة هولندا فوق جميع الاعتبارات»، وهو الأمر الذي أثنى عليه المتخصص في شؤون الإرهاب، إيدون باكر من معهد كلينخندال للعلاقات الدولية، ووصف رئيس الوزراء بالمحترف والعارف في الشؤون السياسية. ويعرض فيلم فيلدرز القران الكريم وكأن فتنة كامنة في آياته الكريمة، ويصور بعض النصوص القرآنية بطريقة مجتزأة ثم يصار إلى إبرازها بطريقة «الغرافيك» مع ترجمتها باللغة الهولندية. يقول فيلدرز في معرض تبريره للفيلم الذي لا يستغرق عرضه أكثر من خمس عشرة دقيقة، إن «القرآن ليس مجرد نص ميت، إنه واجهة الإسلام وقانونه، وهو خطر كبير على الحياة والمجتمع». وعن ترقب الجالية المسلمة في هولندا وعدم إقدامها على أي ردود أفعال حتى الآن، يقول فيلدرز، «إنهم ناضجون وليسوا مثل رئيس الوزراء بالكنندا، الذي بادر إلى النقد والتهجم حتى قبل أن يشاهد الفيلم». وكان فيلدرز قال في مقابلة مع صحيفة «الفلامس» الهولندية ما معناه «إن أيديولوجيا الإسلام بائسة وفاشية وخطأ». من جهة أخرى، صرح هيرمان فان هيلدره، من شبكة التلفزة الهولندية، بأن محطات التلفزة الهولندية جميعها قررت عدم بث الفيلم، وقال « إننا نحرص على عملية الاندماج في المجتمع الهولندي، ولم يسبق أن عرضنا أفلاماً ذات توجهات سياسية أو تحريضية قد تسيء للحمة المجتمع»، إلا أن ماكس فان فيزل، مدير مركز الصحافة الدولي «نيوزبورت» في مدينة لاهاي، فأكد استعدادهم لإتاحة الفرصة لفيلدرز لببث فيلمه عبر شبكة المركز، الأمر الذي أثار قلق المسؤولين الأمنيين في المدينة وعلى رأسهم تيبي يوسترا، مدير مركز مكافحة الإرهاب الهولندي. ورفعت السلطات درجة التأهب الأمني في عموم هولندا، وقال رئيس دائرة مكافحة الإرهاب الهولندية «أن سي تي بي» أنهم لا يملكون مؤشرات أو دلائل محددة على حدوث عمل عنيف في الوقت الحاضر، لكنهم يتوقعون كل شيء، خصوصاً في حال استغلال تنظيم القاعدة ومنظمات متشددة أخرى، مشاعر الناس المتأزمة لغاياتها المريضة، و«لاسيما أن لنا جنوداً يخدمون في أفغانستان حالياً وعلى تماس مع الخطر». من جهتها، أعربت شركة الطيران الهولندية العملاقة «كي أل أم»، عن مخاوفها من توجه رحلاتها إلى الشرق الأوسط في حال عرض الفيلم، وأبدى الكثير من الموظفين والمضيفات عن قلقهم المتزايد وترقبهم للأخبار، وقال سفين لارفيلد رئيس منظمة الطيران المدني الهولندية«إننا مستعدون لجميع الاحتمالات في الحقيقة، والمشكلة الوحيدة التي تواجهنا هي خوف المضيفات من الذهاب إلى رحلات معينة بسبب الخوف من أعمال العنف، كما هو الأمر مع الرحلات المتوجهة إلى العاصمة الإيرانية طهران، حيث يلازمن الطائرات هناك ويرفضن الذهاب إلى الفنادق». وكانت الفرصة أتيحت لنا مع مجموعة من الصحافيين والنقاد لمشاهدة الفيلم، وشعرت شخصياً بالقرف وأشفقت على فيلدرز هذا، في حين قالت الناقدة السينمائية الهولندية هنيكا بيرهمان، التي شاهدته معي، إنه فيلم هابط من النواحي الفنية، ولا يمتلك فكرة محورية، وغير أمين علمياً، فما أدراني ماذا تقول الآيات التي ستلي تلك الآية المجتزأة؟ وعلى الرغم من بعض ملامح الغرافيك والموسيقى الخلفية يبقى فيلم «الفتنة» مادة تحريضية رخيصة موجهة للعامة، ويحاول الإساءة إلى شريحة واسعة من الهولنديين المسلمين، ولاسيما أن منتجه هو النائب خيرت فيلدرز المعروف بعدائه للإسلام والمسلمين، الذي سبق ونشر الرسوم الدانمركية المسيئة في موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت، مستغلاً تسامح المجتمع الهولندي وقيم العدالة والحريّة السائدة فيه. يذكر أن فيلدرز أعلن عن انه سيبث اليوم «الفتنة».، في المدن الهولندية الكبيرة مثل روتردام ولاهاي وأمستردام التي تضم جاليات مسلمة كبيرة يتجاوز عددها المليون ونصف المليون مسلم.
مقتطف من مقال في الانترنت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق